728x90 شفرة ادسنس

Made with Visme

  • اخر الاخبار

    الأحد، 2 يوليو 2017

    هذا الوهم المسمى ... (تطوير الذات)

    معتز صابر
    كاتب وروائي
    ومدرب تنمية  بشرية  


    في مقال منشور بإحدى الجرائد الإلكترونية كتبت صاحبة المقال أن هناك وهم انتشر بين الناس، وهو التنمية البشرية أو تطوير الذات، وأن مدربي التنمية البشرية يبيعون الوهم للشباب وأولئك الباحثين عن النجاح ... وفي نهاية المقال كتبت أن زميلة لها أصبحت مدربة تنمية بشرية بعد أن طلب منها ذلك أحد المدربين – والتي كانت ملازمة لدوراته التدريبية – وأنها أصبحت هي الآخرى بائعة للوهم .. ورغم أن نهاية مقالها هو ذاته الرد على إدعائها بالوهم، لكننا لا بد لنا أن نحترم رأيها ووجهة نظرها وننظر إلى قولها ورأيها، ولا نبخسه حقه في التفكر فيه، ثم نقارنه مع ما معنا من رأي ..
    لا تتعجب إذا أخبرتك أن التنمية البشرية أو تطوير الذات قد يصبح وهم، وقد يكون المحاضر يبيع الوهم ليكسب المال – لم أقل مدرب التنمية البشرية ولكن محاضر لأنهما عندي يختلفان –
    ولكن متى يكون ذلك بيع للوهم، ومتى يكون وهم.
    تكون التنمية البشرية أو تطوير الذات – أو بالمعنى الأدق في هذه الحالة: المادة التي يتم إلقائها – بيع للوهم إذا كان المحاضر يلقي مادة لا فائدة فيها، تجد مادته خاوية اللهم إلا في المقدمة وربما كانت المقدمة ذاتها عجفاء .. وهذا عيب في المحاضر وليست في التنمية البشرية أو تطوير الذات، وقد كثر محاضري التنمية البشرية الذين يبحثون عن كسب المال لا أكثر، وهؤلاء لا يظلمون إلا أنفسهم، وقد حضرت بنفسي مرة دورة قدم المحاضر فيها مقدمة قوية جدا لكن مادته كانت واهنة فارغة لم أستفد منها شئ، وكانت هناك دورة آخرى حضرتها لم أستفد من الدورة أي شئ ولم أستفد من المحاضر سوى قول واحد منه: (طبق ما تتعلمه في حياتك) – وحضرت محاضرة كان من المفترض أنها دعاية لدورة تدريبية جديدة، لكن للأسف لم أستفد من تلك المحاضرة، بل على العكس كانت دعاية سيئة جدا للمادة التدريبية، وقد حزنت على الوقت الذي ضاع.
    أما أن التنمية البشرية وتطوير الذات وهم فهذا أجده في حالة قد يقع فيها الكثير من الناس، وهي عدم التطبيق .. تجد المتدرب يحضر دورة تدريبية في تطوير الذات ويدفع مالا ووقتا بل ومجهودا ثم يخرج بعد الدورة لا يطبق ما تعلمه .. لم يطبق سوى في الأيام التي حضر فيها الدورة .. هنا تصبح التنمية البشرية لهذا الصنف من الناس وهم .. لكن ليس وهم لأن طبيعة التنمية البشرية أو تطوير الذات وهم، بل أصبح تطوير الذات وهم لأن المتدرب هو الذي لم يطبق ما تعلمه، وهذا أيضا ليس عيب في التنمية البشرية، بل عيب في المتدرب.
    الكثير من الناس قبل أن تتلقى الدورة التدريبية تنظر إلى الصورة التي تريد تحقيقها والنجاح الذي يريد الوصول إليه وكأنها ستتحقق مباشرة بعد الدورة التدريبية .. لكن الوصول إلى النجاح صعب ويحتاج إلى مجهود ووقت وخطة نجاح ... خطأ الناس أنهم يتعجلون النتيجة، لكن النجاح لا يأتي من يوم وليلة ... لا يملك المدرب العصا السحرية ليجعلك ذلك الناجح الذي تريده، هو مجرد مرشد لك في طريق يوصلك لهدفك، فقط يرشدك ويخبرك ماذا تفعل، وأنت عليك كل الباقي، تخيل ذلك عليك كل شئ، المجهود، الوقت، المال، العرق، وكل شئ، ولن تصل في يوم وليلة .. التنمية البشرية هي أداة من أدوات كثيرة تخبرك كيف تصل ... فربما قرأت قصة تجعلك فيما بعد ناجحا دون أن تحضر دورات .. ربما قرأت آية في القرآن أو حديث شريف يكون هو سبب نجاحك .. ربما كتابا قرأته أو رواية أو قصة .. ربما ضيق أو كرب أو حدث سئ يحدث لك يكون هو الدافع لك للوصول للنجاح .... مدرب التنمية البشرية لن يأخذ يدك وأنت مغمض العينين ثم يوقفك أمام صندوق مغلق ويطلب منك فتح الصندوق لتجد فيه هديتك ونجاحك .. إنما هو رجل يخبرك ببعض النصائح ويعلمك بعض الأمور، وأفضل المدربين ذلك الذي يدربك أثناء الدورة لتحقيق النجاح ... نعم يدربك لكنه لن يلازمك طوال الوقت .. عليك أن تستمر على ما تدربت عليه وأن تواصل طريقك بنفسك.
    الحقيقة أن هناك من ينظر للنجاح على أنه كسب للمال فقط وتلك مشكلة، فمعظم النجاح – إن لم يكن كله – هو تغيير في شخصيتك وفي شخصك وفي حياتك الخاصة لتجد حياتك والحياة من حولك قد تغيرت تغييرا ذا تأثير إيجابي - والذي قد يظهر في بعض الأحيان على الصورة المادية من الثراء والغنى - حتى ولو كان ذلك التغيير بسيطا لكنه يصنع فارقا في حياتك.
    ولتخرج من أن يكون التنمية البشرية أو تطوير الذات وهم أو بيع للوهم عليك أن تختار المدرب أو المحاضر الذي تتدرب على يده وأن تختار المادة التي ستتدرب عليها، والأهم أن تطبق ما تعلمته وما تتدرب عليه ...
    حكى أحد المدربين مرة في إحدى تسجيلاته الصوتية أنه وجد متدربا حضر معه إحدى دوراته لمرة ثانية، فسأله في نهاية الدورة: ألم تحضر معي تلك الدورة من قبل، فلماذا تحضرها مرة أخرى؟ .. كنت أظن أن إجابته ستكون أنه لم يستفد من المرة السابقة وأنه يريد أن يتلقى الدورة مرة أخرى ليستفد في تلك المرة ولتصنع معه فرقا ولو بسيطا، لكن إجابته جاءت عكس ما توقعت، كان إجابة المتدرب أنه لما حضر ذات الدورة في المرة الأولى تغيرت حياته تغيرا جزئيا، وظهر ذلك في تعامله مع الناس وعلى حياته، والذي اتضح من ثناء الناس عليه ومدحهم إياه وأنه أصبح أفضل مما كان عليه، لذا حضر الدورة مرة ثانية ليعزز ما تعلمه وليتدرب على جديد.
    ولأوضح لك المقصود من المقال أكثر، سأسألك سؤالا: ما كم العلم الذي تعرفه؟ ... نعم كثير
    السؤال الثاني: كم مقدار ما طبقته في حياتك وتأثرت به في حياتك من الكم الهائل الذي تعلمه؟ ... نعم قليل.
    السؤال الأخير: تخيل أنك طبقت واستفدت من نصف أو حتى ربع ما تعلمه في حياتك كلها؟ ... نعم ستصبح شخصا آخر، شخصا ناجحا في العديد من المجالات يشار له بالبنان.
    سأخبرك بسر ربما لا يقوله الكثير من مدربي التنمية البشرية: نجاحك في الحياة لا يتوقف على حضورك الدورات التدريبية – وإن كانت فعلا وبحق تؤثر تأثيرا كبيرا في ذلك، ولا أقول ذلك من باب الدعاية وإنما أقول ذلك لتجربتي الشخصية – إنما يتوقف نجاحك عليك أنت والسر في ذلك هو التدريب والتطبيق حتى يصبح ما تدربت عليه عادة لديك.
    أتمنى لك كل النجاح والتوفيق والخير.

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: هذا الوهم المسمى ... (تطوير الذات) Rating: 5 Reviewed By: جريدة العميد
    Scroll to Top