728x90 شفرة ادسنس

Made with Visme

  • اخر الاخبار

    الثلاثاء، 25 يوليو 2017

    المعراج بين الزرادشتية و الإسلام...



     الكاتب والمفكر
       أحمد علي 





    فى ديسمبر عام 2015.. خرج علينا الدكتور يوسف زيدان برأى عن المسجد الأقصى..  و فى مارس 2017 برأى آخر عن حادثة المعراج.. و فى المرتين.. قام الجميع بالهجوم عليه و اعتبروه أنه يعمل على التشكيك  فى "ثوابت الدين" و هدم لمعتقدات المسلمين.. الخ هذه الإتهامات .
    دفعني الأمر الأول للتزود بالمعلومات على قدر استطاعتي من الناحية التاريخية على الأقل ..  حيث أن القضية تاريخية بقدر ما هي دينية ...
    دينياً .. الرحلة تنقسم لإسراء منصوص عليه فى سورة الإسراء لا جدال و لا خلاف عليه.. سبحان الذى أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله" .. أما المعراج  فى سورة النجم فسيتم مناقشته فى باقى المقال..
    توجد روايتين فيما يتعلق بالمسجد الأقصى الحالى :
    الأولى:
     بعد انتهاء عبد الملك بن مروان من بناء مسجد قبة الصخرة (الصورة الشهيرة للمسجد ذو القبة الذهبية ).. شرع فى بناء المسجد الأقصى فى المكان الحالي حوالي عام 74 هجرية..
    الثانية :
     بدأ بنائه فى عهد عبد الملك بن مروان..  و إنتهى البناء  فى عهد الوليد بن عبد الملك بن مروان بين عامى 90 – 96 هجريه.. إستناداً للمكاتبات الرسميه  بين قره بن شريك عامل مصر و أحد حكام الصعيد و التى تضمنت كشف بنفقات العمال المصريين المشاركين فى البناء...
    الغريب.. أنه على الرغم من أهمية هذا المسجد الأقصى.. إلا أنه توجد العديد من الروايات حوله.. و لا توجد  رواية واحدة مؤكدة أو موثقة عن تاريخ بنائه  سوى الرواية الأخيرة .. فالمسجد الأقصى المعنى  فى القرآن ليس هو المسجد الأقصى الذى يُثار حوله الجدل و الخلاف من آن لآخر... فعلى سبيل المثال.. أغلب الأماكن المذكورة فى القرآن معلومة .. أحد .. بدر .. حنين .. مكة (بكة) ..  و لسبب لا يعلمه إلا الله.. جعله الله مكاناً مبهماً.. ربما كان فى الجزيرةِ العربية.. و أسماه الله الأقصى للتفرقة بينه و بين البيت الأدنى (الأقرب) و هو البيت الحرام.. إذ لا يعقل أن يتحدث الله عن إسراء الرسول إلى المسجد الأقصى قبل بناءه بحوالى مائة عام او يزيد!! و لكى يؤكد التراثيين كلامهم المرسل.. تجدهم يقولون أن آدم عليه السلام هو أول من بناه.. و مرة آخرى يقولون أن نوحا عليه السلام هو أول من بناه بعد انحسار مياه الطوفان و يقول البعض أن الملك سليمان النبى عليه السلام هو أول من بناه !!! و لا توجد أدلة مادية أو أثرية ملموسة على ذلك .. الأقصى هو مسجد أثرى قديم له احترامه  تاريخياً.. دون تقديسه.. يقع فى القلب من مملكة يهوذا القديمة .. إحدى ممالك بنى أسرائيل و التى ظهرت فى القرن الثامن ق. م.
    و الأن.. ماذا عن المعراج؟ كان أول ذكر له فى الكتابات الزرداتشية ..  وثقت الرسوم الحجرية و كتب الزرادشتيين قصة معراج  زرادشت منذ  ما يزيد عن 2600  عام..  أن النبي  زرادشت صعد الى السماء بواسطة طائر كبيريشبه الحصان أو الثور المجنح الآشوري .. وكان لزرادشت موعد مع الإله " أهوارا  مازدا" (الإله النور) كي يعلمه  الحكمة ويعطيه الشرائع..  و رافق زرادشت من السماء الاولى الى السماء السابعة ملاك عظيم.. استأذنه زرادشت لمشاهدة جهنم أيضاً.. فرأى فيها "أهرمن" (إبليس).. و كان أول من آمن ب "زرادشت" بعد نزول الوحي عليه زوجته "هافويه"  و ابن عمه "ميتوماه"..
    مرت فترة من الزمان على معراج  زرادشت .. و أخذت ديانته  في بلاد الفرس في الانحطاط.. ورغب كهنة المجوس في إحيائها في قلوب الناس.. فانتخبوا شاباً من أهل زرادشت اسمه "أرتاويراف" وأرسلوا روحه إلى السماء.. ووقع على جسده سُبات.. وكان الهدف من سفره إلى السماء أن يطَّلع على كل شيء فيها ويأتيهم بنبأ.. فعرج هذا الشاب إلى السماء بقيادة وإرشاد رئيس من رؤساء الملائكة اسمه "سروش" فتجول من طبقة إلى آخرى وترقى بالتدريج إلى أعلى فأعلى.. ولما اطلع على كل شئ.. أمره "أورمزد" ( الإله الصالح.. أصل الديانة الزرداتشية )  أن يرجع إلى الأرض ويخبر الزرادشتية بما شاهد.. ودُوِّنت هذه التفاصيل بكاملها في كتاب "أرتاويراف نامك":
    قال : وقدمت القدم الأولى حتى ارتقيت إلى طبقة النجوم في حومت.. ورأيت أرواح أولئك المقدسين الذين ينبعث منهم النور كما من كوكب ساطع.. ويوجد عرش ومقعد باه باهر رفيع زاهر جداً.. ثم استفهمت من "سروش" المقدس  ومن الملاك "آذر" ما هذا المكان، ومن هم هؤلاء الأشخاص.. ( طبقة الكواكب هو الحياط الأول أو الأدنى من فردوس الزردشتية ) وأن " آذر" هو الملاك الذي له الرئاسة على النار.. و " سروش " هو ملاك الطاعة وهو أحد المقدسين المؤبدين.. أي الملائكة  المقرَّبين لديانة  زرادشت.. وهو الذي أرشد "أرتاويراف"  في جميع أنحاء السماء وأطرافها المتنوعة إلى طبقة القمر .. وهي الطبقة الثانية.. ثم يليها طبقة الشمس وهي الطبقة الثالثة في السموات.. وهكذا أرشده إلى باقي السموات. 
    وبعد هذا ورد في فصل 11: وأخيراً قام رئيس الملائكة " بهمن " من عرشه المرصع بالذهب .. فأخذني من يدي وأتى بي إلى حومت وحوخت وهورست بين " أورمزد "
      و رؤساء الملائكة  وباقي المقدسين.. وجوهر زرادشت السامي العقل والإدراك وسائر الأمناء وأئمة الدين. ولم أرَ أبهى منهم  رِواء ولا أبصر منهم هيئة..  وقال بهمن: هذا أورمزد.. ثم أني أردت أن أسلِّم عليه..  فقال لي: السلام عليك يا "أرتاويراف".. مرحباً أنك أتيت من ذلك العالم الفاني إلى هذا المكان الباهي الزاهر.. ثم أمر سروش المقدس  و الملاك آذر قائلاً: إحملا "أرتاويراف"  وأرياه العرش وثواب الصالحين وعقاب الظالمين أيضاً.. وأخيراً أمسكني سروش المقدس والملاك آذر من يدي وحملاني من مكان إلى آخر، فرأيت رؤساء الملائكة أولئك، ورأيت باقي الملائكة.
    ثم ذكر كتاب "أرتاويراف نامك": أن أرتاويراف شاهد الجنة وجهنم.. وورد في فصل ( 101) أخيراً أخذني سروش المقدس والملاك آذر من يدي وآخرجاني من ذلك المحل المظلم المخيف المرجف وحملاني إلى محل البهاء ذلك وإلى جمعية  "أورمزد"  ورؤساء الملائكة فرغبت في تقديم السلام أمام "أورمزد"  فأظهر لي التلطف.. قال: يا أرتاويراف المقدس العبد الأمين، يا رسول عبدة أورمزد، اذهب إلى العالم المادي وتكلم بالحق للخلائق حسب ما رأيت وعرفت، لأني أنا الذي هو أورمزد موجود هنا. من يتكلم بالاستقامة والحق أنا أسمعه وأعرفه. تكلم أنت الحكماء. ولما قال أورمزد هكذا وقفت باهتاً لأني رأيت نوراً ولم أرَ جسماً، وسمعت صوتاً وعرفت أن هذا هو أورمزد..
    و ماذا عن المعراج فى الإسلام؟؟ على الرغم من أهمية هذه الحادثة فى تاريخ الإسلام و المسلمين.. إلا أنه توجد الملحوظات الأتيه:
    أولا: الأئمه مالك  و أبو حنيفة  و الشافعي لم يتكلموا عن هذه الحادثة مطلقاً.. حتى و لو أخبار شحيحة.. وهذا دليل أن القصة انتشرت بعد موتهم..
    ثانيا: أول من تكلم في الإسراء والمعراج هو إبن أبى شيبه فى مصنفه (159 هـ - 235 هـ) و ابن حنبل في مسنده (164-241هـ / 780-855م) عن إبنه عبدالله.. بمعنى أن ابن حنبل نفسه لم يكتب هذا الحديث.. ولكن إبنه هو الكاتب.. ثم نقل عنه البخاري (194 هـ - 256 هـ) / (810 م – 870 م) ومسلم.. وانتشر بعد ذلك في باقى الكتب التسعة التى إهتمت بجمع الحديث..وهذا الزمن تقريبا كان في بدايات القرن الثالث..في حدود ما بين 220 هـ حتى 250هـ
    ثالثا: ظلت قصة الإسراء والمعراج مجهولة بعد وفاة الرسول حوالى 210 عام.. فكيف ظهرت فجأة ومن الذي نشرها؟
    رابعا:  كل من إشتغلوا بعلم الحديث وصلوا لنفس النتيجة.. وهي أن القصة بالكامل موقوفة على صحابي مجهول إسمه.."مالك بن صعصعة" و من نقل عنه الحديث هو " قتادة بن دعامة "..وكل من تكلم عنه لا يعرف أين ومتى ولد وتوفى.. وأين ومتى عاش.. و لا يوجد له موقف واحد مشهود مع الرسول أو الصحابة .. و المفروض أنها معلومات أولية عن أي صحابي .. لكنها غير متوفرة عن بن صعصعة ..
    خامساً: توجد روايات آخرى للمعراج عن أبي ذر وأبي بن كعب.. لكن جميعها من طريق أنس بن مالك بسند ضعيف..  ولو فرض أنها صحيحة.. أنس كان عمره 9 سنوات وقت الحادثة.. و خدم النبى عن عمر 10 سنوات..  و توفى النبي  و أنس إبن 21 سنة.. فكيف لم يسأل أنس الرسول طيلة 11 عام قضاها كخادم للرسول في المدينة عن المعراج؟   
    سادساً: هل يُعقل أن يقوم الرسول بهذه الرحلة و لا يعود لنا إلا بأنباء العذاب و النار و الجحيم و تقطيع الجلود؟ الا يوجد نبراس من نور او أمل عن نعيم الجنة و ما فيها ؟
    سابعاً : من يستشهد بسورة النجم.. هل فكر فى الآية الكريمه " وهو باللأفق الأعلى .. ثم دنا فتدلى .. فكان قاب قوسين أو أدنى "..؟ دنا فتدلى .. أي نزول من أعلى لأسفل.. و ليس صعود من أسفل لطبقات السماء العليا...
    ثامنا :  وهو بيت القصيد " قتادة بن دعامة " نفسه فى كل علوم الرجال تم وصفه بالمدلس ( مراجع: بن حجر العسقلانى فى طبقات المدلسين والبغدادى فى التبيين لأسماء المدلسين والطبقات الصغرى لمحمد بن سعد والإلزامات والتتبع  للدارقطنى )..
    أخيراً.. إسمحوا لي أن أطرح عليكم بعض الأسئلة التالية و دعونا نفكر سوياً..
    1) هل دخلت قصة المعراج على الإسلام و تم زرعها فى وجدان المسلمين  عن طريق من دخلوا الإسلام باتساع الأمصارو محاولتهم زعزعة الدين من الداخل لعدم قدرتهم على محاربته من الخارج؟
    2) بالنظر إلى أن الصلاة فرضها الله على المسلمين فى رحلة " المعراج ".. ألا يستدعي الشك أن نبى الله موسى كان هو من ينصح سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام... أن ارجع الى ربك و سله التخفيف ؟ أليست هذه بصمة إسرائيلية واضحة لبيان فضل موسى عليه السلام على أمة محمد ؟؟
    3) ألم تصل إلى هؤلاء القوم آيات مثل " ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير ".. " والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب "..؟ الله يعلم قوة و ضعف الإنسان و قدرته على تحمل العبادات و لا أظن أن موسى عليه السلام كان أرحم بالمسلمين من خالقهم... ولا يستطيع الرسول مراجعة الله فى أمر من أمور العبادات..
    هذا ما تيسر لى .. و أتمنى أن أكون قاربت الحقيقة أو قمت بإيضاح الفكرة العامة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى و حادثة المعراج .. إن أصبت فبتوفيق الله.. و إن أخطأت فمن نفسى .. و أدعو كل من لديه أدلة أن يقدمها لنا لتوسيع رقعة الفائدة .. " قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين".. قبل الهجوم بدافع الحمية الدينية .. رجاء إعادة قراءة المقال و الإطلاع على المراجع المذكورة .. 
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     المراجع (ملحوظة: تم إستبعاد كل المراجع الإسرائيلية حتى و إن كانت  محايدة و الأجنبية ( المستشرقة ) و اكتفيت بالمراجع العربية لضمان المصداقية مع القارئ ) :
    * عارف باشا عارف - تاريخ القدس
    * ياقوت الحموى - معجم البلدان
    * الطبرى - تاريخ الأمم و الملوك - ج
     3
    * السيوطى - إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى - الهيئه العامه للكتاب
    * تاريخ الشرق الأدنى القديم –  د. أسامه عدنان
    تاريخ الشرق الأدنى القديم  د. أسامه عدنان
    الشرق الأدنى القديم –  د. أحمد إسماعيل سليم

    25 يوليو 2017
    تابعونى على فيسبوك:


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: المعراج بين الزرادشتية و الإسلام... Rating: 5 Reviewed By: جريدة العميد
    Scroll to Top