إذا نطقت الرويبضة شوهت الدين

كتبها المستشار الدكتور / صادق القماح

من علوم اللغة النحو والصرف والبلاغة والبيان والبديع التي يجب أن يدراسها الإنسان وغيرها من العلوم ليستطيع فهم آية واحدة في القرآن أما ليشرح آية فهذا أمر جلل أما علم الحديث سواء علوم المتون أو الجرح والتعديل الذي يرفضه البعض وغيرها أيضاً من العلوم بالإضافة للعلوم السابقة التي يجب أن يدرسها الإنسان ليفهم مدلول حديث رسول الله صل الله عليه وسلم هذا بالإضافة لبعض العلوم الإنسانية .

والأعلم مني بهذه العلوم من أساتذة الأزهر الذين يقومون بتدريسها لطلابهم في جامعات الأزهر أو كليات أصول الدين أو الكليات الإسلامية الأخرى .

فالمتخرج من هذه الكليات يكون ناقلاً للعلم إلا من رحم ربي لذا نجد منهم الدعاة وأئمة المساجد الذي يعتلون المنابر .

فما بال من لا يستطيع أن ينطق الحروف بصورة صحيحة أو يعرف حتى الفروق بين الاسم والفعل أو من لم يدرس الإسرائيليات في الإسلام ثم نجده يدلو بدلوه في أمور الدين ، بل يتجرأ على الله أو الرسول الكريم إما بتفسير آية أو حديث وبجهل مطبق .

وحين تناقش هذه النوعية من الناس يكون الرد بأبسط صوره الآية واضحة وصريحة وهو يجهل تماماً أن أصبح من الظواهرية أي الذين يأخذون بعموم اللفظ ويتركون خصوص المعنى أو العكس وطبعا هذا علم لم يسمع به من قبل .

فأصبح كثير ممن قرأ كُتيب عن الصلاة أو الوضوء أو الزكاة ينصبون أنفسهم شيوه مشايخ الإسلام وأصبحوا في عفلة من الزمن أصحاب لدور الإفتاء .

وهؤلاء هم الرويبضة الذين تحدث عنهم الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم وقال عنهم : - " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - " سيأتي على الناس سنوات خدّعات ، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة .  

قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة " .

حمرة الخجل محاها التبجح على القرآن والسنة وعلى الله وعلى رسوله فمن أين أتى مفتي عصره وزمانه بما يقول وما علمه الذي أفتى به .

يا سادة إن نقص علم أقسم بالله فإنه يؤدي لمفاهيم خاطئة فمثلاً إن درست فنون اللغة وعلوم القرآن و الإسرائيليات في الإسلام ولم تدرس علم التاريخ لتعلم مناسبة نزول الآية سيتغير المعنى تماماً في التفسير فلنأخذ مثالاً حين قال المولى عز وجل في الآية ( 59 ) من سورة الأحزاب  : 

( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما )

( فإذا أخذنا بظاهر اللفظ نجد أن الخطاب موجه فقط للنبي فقط أن الذي يقول للنساء هو النبي فقط ولا يجب أن قول الرجل لزوجته هذا الكلام لأن غير مخصص في الآية والتحصيص فيها للرسول فقط وأن المعنيات في الآية هن أمهات المؤمنين زوجات الرسول وبناته وبنات المؤمنين  أما بنات المسلمين فلم يخاطبهم الله عز وجل في هذه الآية ) .

أرأيتم يا سادة كم الخبل والجهل الذي تم كتابته ونتيجته الجهل باللغة وعلومها فطبعا الآية القول فيها يكون للرسول وللرجال أولياء الأمور لأن في رسول الله أسوة سنة لهم والكلام في هذه النقطة كثير كرت الإيجاز منه .

كما أن ليس المعني في الآية نساء المؤمنين فقط لأن دلالة " نساء المؤمنين " هي تشمل الأعلى فالأقل وكان هنا الإيجاز بالحذف للدلالة البلاغية لوضوح المعنى عند الدارس .

أرأيت الفرق يا سادة بين التفسيرين فالأول لم يعتمد على أي علوم فخرج مشوهاً مشوباً بكل عيب أما الثاني فاعتمد على بعض العلوم فكان الأوقع والأصح وبرأ من السقم فيه والشذوذ في المعنى .

فإذا تجولنا في آيات القرآن جميعا سنجد أن كل آية فيها لها مدلولات ودلائل ومناسبة ومضرب .

لذا دائماً ننصح أبناءنا بأن يأخذوا من علماء الدين لأنهم أهل علم ودراية بعلوم القرآن والسنة وفقههما .

أما من اعتمد على عقله دون دراسة أو دراسة مشوهة فلا ينتج عنها إلا ظهور داعشي أو طائفي من الفرق المتأسلمة .

والتي عانينا من جهلهم أثناء نقاشنا معهم ولكنه لم يعيينا .

يا سادة لن نقول اجعلوا الأزهر هو مرجعيتكم الأولى والأخيرة في الفتوى ولكن سأقول اجعلوا علماء الأزهر قبلتكم في تعلم أمور دينكم وحين يتم إجازتكم ففتوى فافتوا وحين تتم إجازتكم لتفسير القرآني ففسروا وحين تتم إجازتكم لتفسير الأحاديث فافعلوا ، وإن لم تصلوا للإجازة فتعلموا فقط ولكن رجاء لا تكونوا من الرويبضة .

الأربعاء, فبراير 03, 2016