728x90 شفرة ادسنس

Made with Visme

  • اخر الاخبار

    الاثنين، 10 أبريل 2017

    الجزء الثالث من مقالات - الخريطة الذهنية للرسول صل الله عليه وسلم

    كتبه 
    المستشار الدكتور 
    صادق القماح
    تساءل بعض الاصدقاء بعد عرض الجزء الأول و الثاني من سلسلة مقالات الخريطة الذهنية للرسول عن بعض الأمور فحاورني البعض حول غرابة العنوان الذى لم يفهموه و استغرب البعض الآخر من الفكرة نفسها و التى أفصل فيها بين اسلوب تفكير و تصرف " محمد بن عبدالله  كرسول و محمد بن عبد الله كإنسان " حيث امتزجت حياته بين الحياة النبوية و الإنسانية و استنكر البعض الفكرة من أساسها .
    ولما كان هذا هو ناتج مقالتين كانت الصورة فيها باهتة عن ماهية الموضوع بسبب ندرة المعلومات الواردة و المذكورة في هذه الحقبة من أيام الرسول صل الله عليه وسلم ( الولادة و الطفولة ) إلا أنني أؤكد لجميع الأصدقاء و القراء بأن بدءً من هذا الجزء ستتضح الفكرة وتوافق الشخصيتان في كثير من المواقف بل وتباينها في مواقف أخرى خاصة وأن اعتمادي على الأحداث التي مر بها محمد بن عبدالله نبى الله و رسوله و الإنسان هي غزيرة جداً بدءً من هذه الحقبة من حياته الصبوية والشبابية فبعد أن عاد محمد بن عبدالله من البيئة الصحراوية كغيره من أطفال قريش لموطنه الأصلي بمكة ليعيش في كنف أمه السيدة آمنة بنت وهب و التي شملته بكامل رعايتها و عطفها و حنانها و كان من البداهة أن ينل محمد بن عبدالله رعاية جده لأنه الحفيد والكل يعلم بالمثل الشعبي ( أعز من الولد ولد الولد ) ولأن جده رأى في محمد ابنه الذي مات بعيداً عنه وحُرم من زيارة قبره فكان الناتج أن أنزل عبدالمطلب ( محمد ) منزلة عالية جداً حيث كان عبدالمطلب من العلية ومن أشراف قريش و له منزلة وكلمته المسموعة بينهم فهو الذي فصل في حادثة أبرهة الحبشي في عام الفيل و امتثل له العرب والذي ظهر من خلالها قوة إيمانه وثقته بالله عز وجل حين قال " للبيت رب يحميه " فمثل هذه الشخصية و مكانتها أثر في محمد أيم تأثير حيث كان يصحبه دائماً في مجالس الأشراف و كبار القوم و ينزله في المجلس منزلة مجاورة و ملاصقة له وهذا التصرف عند العرب يعني علو الشأن لذا نجد أن محمد بن عبدالله الذي لم يتجاوز سن السادسة قي اعتاد على مخالطة ومجالسة شرفاء القوم وعليتهم بل و يأخذ مكانته بينهم  وهذا بالطبع سيؤثر في نمط تفكيره لأنه سيكتسب خبرات واسعة من الأراء و سيكتسب رجاحة العقل مبكراً و اعتياده النزول منزله عالية بين الأقوام  دون غرور و لا صلف و لا تكبر فهو قد نشأ على هذا كما انها كانت فرصة ليعرف عرب قريش و أشرافها من هو محمد بن عبدالله عن قرب وكيف ساعدوا هم في تكوينه النفسي و العقلي فلم يرفض أحد أو يعترض على وجوده لأنه شريف النسب و من الأغنياء فقد ورث تجارة أبيه واكتسب الشرف والسيادة من جده وعمه بعد ذلك فالبيئة و الظروف الاجتماعية و الانسانية هنا هي التي شكلت محمد بصورة إنسانية بحتة ستؤهله و تساعده في الحياة النبوية .
    وزاد اهتمام جده به بعد وفاة أمه السيدة آمنه ليصبح محمداً وحيداً في سن السادسة لا عائل له ولا مربي له إلا جده ، وكان جده و أمه يؤمنان بأن محمداً ستكون له منزلة و شأن كبير بعد ما سمعا هذا من بعض أحبار اليهود وهم أصحاب كتاب و علم .
    و بعد فترة و جيزة من وفاة أمه توفى جده هو الآخر بعد أن وصى ( أبوطلب ) عم محمد بأن يولي محمداً رعاية خاصة و يهتم به و بالفعل نفذ عمه الوصية و عمل بها فقد حافظ على ماله و على منزلته الاجتماعية التى غرسها جده فيه ولم يقطعها
    ولكن بعد فترة نجد أن محمداً يستوحش الدنيا ليعتزلها بعض الاعتزال لينفرد بنفسه ومنعزلاً عن الناس في مكان بعيد و هو غار حراء الذي اعتاد المكوث فيه و هنا ستتشكل معنوية جديدة لمحمد و هى النفسية المتأملة فالعزلة والانطواء في علم النفس من الأمراض النفسية التى تحتاج لعلاج هذا إن أسيئ استخدامها أما إذا أحسن الفرد استغلال العزلة فهى تصبح ميزة له عن سائر أقرانه و هذا ماحدث مع محمد الإنسان .
    نجد في هذه المرحلة أن التعامل الأكثر لمحمد كان مع الطبيعة و الظواهر الطبيعية مما أكسبه و رسخ في نفسه صفات يتفرد بها عن غيره .
    فنجد أن التأمل في الطبيعة و تفرسه و تفكره في كيفية خلق الكون من سحب وكواكب و نجوم و رياح و أمطار وزروع و بحار و محيطات وأنهار ، قد أكسب محمداً عمق التفكر و هدوء و صفاء النفس بل وأكسبه التجرد الإنساني من كل ملذات الحياة .
    ففي هذه المرحلة بدأ التشكيل العقلي لمحمد الإنسان و لأن الكون يتسم بالحقائق لا الزيف فقد تعود محمد الإنسان التعامل مع الحقائق لا الزيف و الخرافات  ولأنه انشغل بالتأمل و التفكر أصبح إنساناً قليل الكلام لا يتحدث عن كل شاردة أو واردة و لأن محمداً تعامل مع حقائق كونية فتشبع بالصدق ولأنه تتبع المظاهر الكونية اتسم بالتحليل و الموضوعية في تناوله للمواقف .
    ولأنه تجرد بتجرد الطبيعة فلم تنزع نفسه إلى حكم أو سلطان أو مال أو جاه ولا يغتر بهم ،  كما اتسم بذكاء فطرى وضعت ملامحه الطبيعة .
    لذا الراءي لسيرة محمد قبل النبوة يجده قد مر بمواقف عديدة تُظهر هذا التأثر ، فمثلاً في تحليل حادثة الحجر الأسود ( الأسعد ) حين اختلف زعماء  وشرفاء العرب عن من يحمل الحجر ليضعه في مكانه من الكعبة و بعد ان اتفقوا على تحكيم أول شخص يمر بهم فكان محمداً فما عنه إلا أن خلع رداءه دون تباطؤ ووضع فيه الحجر الأسعد و أعطى لكل شريف طرف الثوب فحملوه ثم أخذه بيديه ووضعه في موضعه من الكعبة دون أدنى اعتراض من الأشراف .
    فسرعة البديهة و التعود على التعمق في المواضيع مكنته من وضع حل سريع وبصورة لم يصل إليها عقل حكماء و اشراف العرب .
    ولأن محمداً قد عرفه الناس بتجرده و بعده عن أطماع الدنيا و أهواء النفس لذا لم يعترض أيا من الأشراف على وضعه الحجر بيديه الكريمتين في الكعبة وهم فرحين مهللين بل شعر كل واحد من الأشراف بأن محمداً يمثله و هذا شعور يصعب الوصول إليه في مثل هذه الحادثة .
    مشهد آخر من حياة محمد الإنسان قبل النبوة تملثلت في مشاركته في حرب الفجار
    و حرب الفجار هي حرب جاهلية خاضها محمد الإنسان مع قريش و أعوانها و كان عمره أنذاك 14 سنة و انتهت الحرب وسنه 20 عاماً وقد ندم عليها بعد الرسالة ( وهو رسول ) حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " قد حضرته مع عمومتي ، ورميت فيه بأسهم ، وما أحب أني لم أكن فعلت " . وقال  النبي صلى الله عليه وسلم : " كنت أنبل على أعمامي " ،وقال   النبي صلى الله عليه وسلم : "ما سرني أني لم أشهده إنهم تعدوا على قومي عرضوا عليهم أن يدفعوا إليهم البراض صاحبهم فأبوا ".
    أما عن زواجه فيقول ابن حجر : " .. إن السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ كانت ذات شرف وجمال في قريش، وإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج في تجارة  لها ـ رضي الله عنها ـ إلى سوق بصرى، فربح ضعف ما كان غيره يربح . قالت نفيسة أخت يعلى بن أمية : فأرسلتني خديجة إليه دسيساً ( خفية ) ، أعرض عليه نكاحها ، فقبل وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة ، والذي زوجها عمها عمرو لأن أباها كان مات في الجاهلية ، وحين تزوجها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت أيماً بنت أربعين سنة ، وكان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها ، فآثرت أن تتزوج برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصابت بذلك خير الدنيا والآخرة " ..
    رغم غنى السيدة خديجة و شرفها و منزلتها العالية إلا أنها وجدت فيه الأمن و الأمان و الثقة والحنان و الرحمة و قد تأكدت من هذا بعد أن ارسلته في رحلة تجارة لها و أوصت عبدها ميسرة بأن يأتي بكل أخباره و بعد العودة تأكدت لما ذهبت إليه .
    ولما كان لها من منزلة كبيرة يسعى إليها شرفاء وأعالي القوم من القبائل المختلفة فقد وافق محمد على الزواج منها .
    فبعد أن رضي محمد بالزواج من خديجة كلّم أعمامه أبو طالب والعباس وحمزة فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه وقال أبو طالب خطيبًا : " الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم ، وزرع  إسماعيل ، وضئضىء معدّ ، وعنصر مضر، وجعلنا حَضَنَةَ بيته  وسوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتًا محجوجًا، وحرمًا آمنًا، وجعلنا حكام الناس ، إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل من قريش شرفاً ونبلاً وفضلاً إلا رجح به وهو إن كان في قل فإن المال ظل زائل ، وأمر حائل ، وعارية مسترجعة ، اليوم معك وغداً يكون مع فلان وفلان ، وهذا يكون غنياً ثم فقيراً ، والفقير يصبح غنياً والدول هكذا ... وبعد هذا هو والله له نبأ عظيم وخطب جليل جسيم ، وله في خديجة بنت خويلد رغبة ، ولها فيه مثل ذلك ، وما أحببتم من الصداق فعلي " ، ثم رد عليه ورقة بن نوفل وقال : " الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت وفضلنا على ما عددت فنحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم؛ وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم فاشهدوا عليّ معاشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله على كذا " ثم سكت ، فقال أبو طالب: قد أحببت أن يشركك عمها ، فقال عمها عمرو بن أسد:  " اشهدوا عليّ يا معشر قريش أني قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد " وعلى إثر ذلك تم الزواج ، وأولم عليها محمد فنحر جزورا وقيل جزورين وأطعم الناس، حضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر، وذلك بعد رجوع محمد من الشام بشهرين، وأصدقها عشرين بَكْرة ، وكان سنها إذ ذاك أربعين سنة ، وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسبًا وثروة وعقلاً ، وهي أول امرأة تزوجها الرسول ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت .
    فإذا حللنا قصة زواجه سنجدها إنسانية من الدرجة الأولى من حيث الإعجاب وحسن اختيار شريك الحياة من حيث الخلق و النسب والشرف و لم يكن للوحى أو الإلهام أو النبوة دخل فيها .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الطبقات الكبرى - محمد بن سعد - ج 1 - الصفحة 128
    البداية والنهاية – الجزء الثاني
    الأغاني للأصفهاني (22 / 78 )
    مقتطفات من السيرة. المكتبة الشاملة، اطلع عليه في 24 مارس
    كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. لمحمد رشيد رضا. ويكي مصدر، اطلع عليه في 24 مارس 2015
     السيدة خديجة أم المؤمنين وسباقة الخلق إلى اللإسلام، عبد الحميد طهماز صفحة 31
     السيرة العطرة لأم المؤمنين خديجة، محمد سالم الخضر صفحة 22


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الجزء الثالث من مقالات - الخريطة الذهنية للرسول صل الله عليه وسلم Rating: 5 Reviewed By: جريدة العميد
    Scroll to Top