728x90 شفرة ادسنس

Made with Visme

  • اخر الاخبار

    الأربعاء، 24 يناير 2018

    جمال عبد الناصر



    كتبه
    الباحث والمفكر الإسلامي
    أحمد علي
    شئنا أم أبينا .. سيظل ناصر أكبر اسم لزعيم في الأمة العربية و لها أسباب .. أهمها أنها كانت فترة احتلال  لمعظم دول العالم الثالث .. و كان العقل المدبر لمجموعة قامت " بحركة جيش أو انقلاب عسكرى " ونجحت .. و لاحقاً تم إطلاق اسم " ثورة " عليها ..  كما كان من أوائل من قاموا بحركات التحررفي العالم العربي و أفريقيا .. مما أكسبه هذا الصيت الذائع ..
    يتهمنى أنصاره أني معادي له لمجرد العداء .. مع العلم أننى لا أنتمي لأسرة من الباشاوات  أو البرجوازيين .. و لم نمتلك المئات من الأفدنة .. ولكن عقلي رفض منذ زمن بعيد تحويله لإله من العجوة أو أنه فوق النقد المهذب المباح ..
    ما سأكتبه نابع من دراساتي في التاريخ الحديث و المعاصر و قراءاتي لغالبية الكتاب المعاصرين و الناصريين المعتدلين و المذكرات الشخصية لبعض رجالات الثورة ( كمال الدين حسين – البغدادي – خالد محي الدين – محمد نجيب –  حسين الشافعي – أحمد حمروش و آخرين .. ) و حواراتي مع والدي و زوج عمتي ( ضابط الاتصال المصري في اليمن و غزة ) .. رحمهم الله جميعاً .. وقائد كتيبة الفدائيين بمنظمة التحرير الفلسطينية النقيب محمد رزق ( اسم حركي طبعاً ) و كان المسؤول عن تدريب الفدائيين و إطلاقهم داخل إسرائيل .. كان والدي .. رحمة الله عليه من أشد مؤيدى " الثورة " و كان في مقتبل الشباب عند قيامها .. إلى أن حضر أحد المؤتمرات الجماهيرية .. و جاء عامر متأخراً .. و نظراً لأنه لم يكن في " حالته الطبيعية " من الوعي .. قام بإلقاء الكاب العسكري الخاص به على الأرض بدلاً من إلقاءه على المنضدة أمامه .. حينها أدرك أن هذه المجموعة من الضباط لن تحقق الهدف المنشود ..
    يعشق محبي ناصر الحديث عنه بصورة مجملة و تصدير شعاراته مما يصعب النقاش و يطيل الجدل .. و يتشعب الحديث لنقاط فرعية تأخذنا بعيداً عن صلب الموضوع .. فيقولوا مثلاً انظر ماذا قال رئيس وزراء إنجلتر .. و اسمع ما قال فلان أو علان .. و مفجر الثورات .. و القومية العربية .. و الشامخ في وجه الغرب .. و يحدثونك عن عقله الداهية و فكره المتطور و مكره و دهائه .. و كاريزمته المشعة .. لا أدرى ما هي الفائدة التي عادت علينا من مكره و دهائه و ماذا كسبنا بسببها ؟؟
    و بناءً عليه .. دعونا نقوم بتشريح الفترة كلها و تقييمها بصورة تفصيلية .. بدلاً من الكلام المرسل المتداخل بلا طائل .. و الحكم للقارئ في النهاية و له حق التعليق و المناقشة ..
    الثورة :
    تعريفها أنها فوران و حراك " شعبى " و تظاهرات  تعبر عن رفض وضع معين .. و بنجاحها تقوم بتغيير أنظمه  حاكمة أو أوضاع سياسية مغلوطة .. التظاهرات كانت موجودة ومتمثلة في شباب المدارس والجامعات وطبقات المتعلمين الرافضين للاحتلال و الغير معادين للملك في الأساس ( و منهم والدي ) .. ولكن 23 يوليو كانت " حركة جيش " بامتياز قامت بها مجموعة محدودة من شباب الضباط غير مكتملي النضج العسكري أو الإستراتيجى .. و استعانوا باللواء محمد نجيب كواجهة محترمة و مثقفة و متعلمة لاكتساب الشعبية .. هي ثورة لم يعلم بها الشعب و لم ينتفض ليقف بجانبها في البداية ..
    الحكم العسكري :
    تعتبر فترة ناصر أفضل مثال للحكم العسكري : غلق المنابر – تعليق الدستور – إلغاء الأحزاب – غلق الصحف –  إعتقالات جزافية – محاكمات صورية –  مصادرة الرأي .. إلخ ... حتى أعتى الناصريين لم يسلموا من السجن .. مثل الأبنودي .. صلاح عيسى .. أحمد الجمال .. و غيرهم كثيرون .. و الدفاع الجاهز هو أن " القوى الرجعية و الاستعمارية و الإمبريالية " كانت تقف في طريق الثورة المجيدة .. المتعارف عليه أن كل الدول الشمولية و الديكتاتورية  لها نفس القاسم المشترك .. تنسب نجاحاتها لزعيمها الملهم الذى يرى ما لا يراه الآخرين .. و تعلق فشلها على شماعة المؤامرات الخارجية و أعداء النجاح و فلول الأنظمة السابقة ..
    تمكن ناصر من الحكم منذ عام  53  و حتى عام 70 .. و إذا قمنا بمراجعة أرشيف الجرائد المصرية على مدى 17 عام .. لن تجد عمود أو مقال نقدي لأي قرار خاطئ اتخذه على مدار تاريخه .. هل كان بالفعل القائد الملهم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ؟ الإجابة متروكة لكم ..
    إنجازاته الداخلية :
    بوصول الضباط الأحرار للسلطة و السيطرة على الدولة بدأوا في تحقيق " المبادئ " الستة للثورة و أهمها :
    = إقامة حياة ديمقراطية سليمة
    = إقامة جيش وطني قوى
    = إقامة عدالة اجتماعية
    ماذا تم تحقيقه منها ؟ تمت مصادرة الآراء و إلغاء الأحزاب و سجن المعارضين بعد محاكمات هزلية
    ( ديمقراطيه ؟؟ ) .. وعدالة اجتماعية قائمة على الخمسة أفدنة ( مما أدى لتآكل الأرض الزراعية بتفتت الحيازات نتيجة المواريث الإسلامية ) .. و اختلف محمد نجيب و رشاد مهنا و خالد محيى الدين ( أبو الشيوعيين ) مع ناصر في خطأ قانون الإصلاح الزراعي .. لكن تم تمرير القانون بدون دراسة الأثار الجانبية المترتبة عليه .. ناهيك عن معتقلات التعذيب لأي مخالف للرأي .. و التي يدَّعي الناصريين أنها لم تكن بعلم أو رضا ناصر .. أطرح تساؤل للقارئ ... الإعتقال و التعذيب يحدث لإرضاء ولي الأمر .. فما فائدة أن يقوم صلاح نصر على سبيل المثال بتعذيب و قتل المعارضين دون إظهار ذلك لناصر لإثبات ولاؤه و الفوز برضاه ؟؟ أما إذا كان صلاح نصر يتصرف من دون علم ناصر فالمصيبة أعظم ..
    مجانية التعليم  لم تكن من إنجازات ثورة يوليوكما أشاعوا .. فقد كانت متاحة قبل الثورة " للمتفوقين دراسياً " ممن يستحقونها تحت اسم " المجانية " .. و لكن استغلت أسوأ استغلال بعد الثورة من بعض فئات الشعب التي لا تهوى التعليم .. ( ناجح بحكم القانون .. هذه هي الجملة التي كانت تُكتَب على أوراق سقوط الطالب في سنة لينتقل للسنة التالية حتى السادسة الإبتدائية ولاحقاً حتى الإعدادية و هي فترة التعليم الأساسي ) لأن الدولة قررت أن الجميع يجب أن يتعلم بالقوة حتى و إن رفض الطالب ذلك .. أو كان غير قابل للتعليم من أساسه ..
     أما الجيش الوطني .. فحدث و لا حرج ... لم تكن هناك خطط تدريبية أو مناورات دورية للحفاظ على جهوزية الجيش .. و تمت قيادة الجيش بطريقة " برقبتي يا ريس " .. الكلمة الشهيرة للمشيرعامر ابن عمدة أسطال بمحافظة المنيا و ابن أخت حيدر باشا الموالي للقصر .. والذي توقفت خبراته العسكرية و الإدارية عند رتبة الرائد و لكنه أصبح مشير بقدرة قادر .. أو بالحب و المودة بينه و بين الراحل .. ولسبب غير مفهوم منطقياً و لكنه مقبول عملياً لأنه من " أهل الثقة " .. تقلد عامرأعلى المناصب التنفيذية في مصر :
    القائد العام للقوات المسلحة .. وزير الحربية و القائد العام .. رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم .. نائب رئيس الوزراء و وزير الحربية و القائد العام .. رئيس المجلس الأعلى للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي .. نائب رئيس الجمهورية و القائد العام للقوات المسلحة .. نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة .. و كأن الدولة المصرية عقمت أن تلد مثله .. أو أنه كان النابغة العالم بكل شئ .. و بالبحث و التقصي .. لا تجد له أي بصمة تذكر في أي من هذه المناصب ..
    الأعيان والإقطاع :
    لم يتم القضاء عليهما .. و لكن ببساطة .. تم استبدال الأتراك و الخواجات بطبقة أخرى من " الضباط الأحرار " و أصحاب الحظوة و المقربين .. للقارئ الحرية في التجول في الزمالك و جاردن سيتى  و بعض الأحياء الراقية بالقاهرة و الأسكندرية .. ليعلم من هم المالكين الجدد لأجمل الفيللات و الشقق على النيل .. الضباط من الصف الأول حتى الصف الثالث من " الأحرار " أصبحوا من الأعيان .. أجمل و أثمن تحف القصور الملكيه أصبحت مقتنيات شخصية لهم ( رأيتها بعيني ) ... يقول المثل الشعبي " شبع بعد جوع " .. تحول مجموعة من شباب الضباط من أصحاب " ثورة " و أهداف يجب تحقيقها .. إلى عشاق سلطة و صعود إلى أعلى الهرم .. الحق يقال .. لم يكن ناصر منهم .. و لكنه سمح لباقي الضباط بالتمدد و التوسع و بسط النفوذ ..
    أما الأصحاب الجدد " للخمسة أفدنة " .. فقد قام أغلبهم برد الأراضي للملاك الأصليين لعدم قدرتهم المادية في الإنفاق على الأرض .. المعلوم لأي فرد له علاقة بالمهن الزراعية .. إن الحد الأدنى للزراعة الاقتصادية هو عشرة أفدنة .. دون ذلك تتحول الزراعة لما يسد الرمق فقط .. و لا يحقق الربحية المطلوبة .. و أُنشئت الجمعيات الزراعية لمساعدة الفلاح و إمداده بمستلزمات الزراعة و التسويق .. و لكنها لم تؤدي الدور المطلوب و لم تحقق النتائج المرجوة .. و تم تفتيت الأرض الزراعية بالمواريث الإسلامية و هروب الفلاح منها بالبيع أو البناء عليها ..
    تأميم القناة و الملكيات الخاصة :
    كان حق امتياز قناة السويس سينتهي في عام 1968 .. و بالرغم من معرفة ناصر رد فعل إنجلترا و فرنسا و تحذيرأغلب أعضاء مجلس قيادة الثورة .. قرر ناصر تأميم القناه في عام 56 .. و كانت حجته أن فرنسا و إنجلترا لم يكن لديهما النية في إعادة القناة لمصر أو أعادتها كترعة خربة  " .. أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا " ؟ هل كان ذلك بوحي سماوي أم قراءة للغيب ؟؟ على أي حال من الأحوال ظلت القناة مهجورة و خارج نطاق الخدمة حتى عام 75 ..
    لم تكن هناك خطة للدفاع عن القناة في حالة الهجوم عليها كما حدث .. أي عاقل يستطيع التنبؤ بأن اثنتين من أقوى دول العالم في هذا الوقت لن تقفا كمتفرجين أمام مثل هذا التصرف الأهوج الغير مدروس .. حتى قائد الجيش " عامر " لم يعلم بخطوة التأميم إلا عند الإعلان عنها بكلمة " ديليسبس " .. و كانت فكرة ناصر أن حكيم فضفاض ومن الممكن أن يتكلم مع ضباطه و يفضح الخطة ..
    هذه قناة السويس .. فماذا عن الملكيات الخاصة ؟ لن أتحدث عن مشروعات الخواجات و اليهود و التي تم تأميمها .. دعونا نقول إنهم " كانوا ناس وحشين مصوا دم المصريين " و هو ما لم يحدث .. لكن وعلى سبيل المثال فقط .. لماذا تم تأميم أول مصنع طبع إسطوانات الموسيقى خارج أوروبا .. والمملوك للفنان الراحل محمد فوزى .. ؟ و تحول من مالك إلى موظف يجلس على مكتب تحت السلم في مصنعه بأجر شهري 150 جنيه .. حتى امتنع عن استكمال مسيرته الفنية و مات حزناً و كمداً ؟ هل كان إقطاعياً بورجوازياً امتص دماء المصريين مثل الأجانب الوحشين ؟؟؟ الرد عند ناصر ..
     مناصرة الثورات العربية و الأفريقية :
    في بداية عام 53 .. أعلن محمد نجيب رغبته في انتخاب رئيس مدني وعودة الجيش لثكناته .. قوبل الاقتراح بالرفض .. فاستقال نجيب في فبراير .. ثم أعادوه بعد أزمة مارس 53 .. ثم أجبره المجلس على الاستقالة في نهاية عام .. 54 و وضعوه تحت الإقامة الجبرية ( إعتقال ) في المرج حتى أخرجه السادات في عام 71 ..
    بعد الإنفراد بالسلطة .. قرر ناصر تصدير فكرة أنه أبو الثورات  إلى العالم أجمع .. و أن الحل الوحيد لسعادة البشرية هو معاداة النظم الملكية و القضاء عليها .. و أيد و ساعد أي حركة تحررية في أي مكان في العالم .. دول الاحتلال كانت ممثلة في بلجيكا في الكونغو برازافيل و وسط أفريقيا .. و إنجلترا في غرب أفريقيا .. و فرنسا في شمال و غرب و وسط أفريقيا .. و لكنه أغفل  دولاً أخرى تحت الاحتلال مثل جنوب أفريقيا و روديسيا و أنجولا و موزمبيق .. ربما لأنها بعيدة جغرافياً ( ؟؟ ) .. كان سلاحه " الوحيد " لغته الخطابية الرنانة و " كاريزمته " التي يتغنى بها محبوه .. بالإضافة لخزانة الدولة المكتظة بأموال قام بإنفاقها بسخاء على حروب لا ناقةَ لنا فيها و لا جمل .. ولا تعود علينا كدولة بأي شيئ .. و لكنها أضافت السمعة الطيبة و الذكرى العطرة لشخص " ناصر" ذاته .. ناصر يا حرية .. ناصر يا وطنية .. ناصر يا قومية .. و كانت بداية إفقار الدولة المصرية ..
    في عام 1960 .. رفضت دول العالم المشاركة في قوات حفظ السلام في الكونجو لسيولة الوضع .. و لكن ناصرقام بتلبية طلب " باتريس لومومبا " رئيس وزراء الكونجو بإرسال قوات تحت راية الأمم المتحدة .. و أرسل كتيبة مكونة من حوالي 500  جندي مقاتل من المصريين و السوريين بقيادة سعد الدين الشاذلى .. و خلافاً لقواعد الحياد و ضبط النفس التي يجب تطبيقها أثناء العمل في إطار الأمم المتحدة .. قامت القوات المصرية بمناصرة " لومومبا " علانية .. و عندما نجح " موبوتو سيسيسيكو " في القيام بانقلاب عسكري على لومومبا و بمجرد وصوله للحكم .. إبلغ الأمم المتحدة بأن القوات المصرية غير مرغوب فيها .. و قتل بعض أفراد القوات المصرية خلال المناوشات التي صاحبت الانسحاب ..
    لاحقاً .. تم الزج بمصر في حرب اليمن .. و التي أنهكت الجيش المصري فكانت مقدمة واضحة لهزيمة 67 .. و كان السبب المعلن مناصرة نظام جمهوري تحت الإنشاء .. و السبب الخفي معاداة أي نظام ملكي قائم في أي دولة عربية .. هل يمكن للجندي المصري الذي لا يعرف سوى البيئة الصحراوية المستوية و المفتوحة .. أن يقاتل في غابات إستوائية  في الكونجو أو بيئة جبلية وعرة في اليمن بدون التدريب المسبق عليها ؟؟ بالطبع لا .. فتعرض الجيش المصري لواحدة من أقسى نكباته ..
    القومية العربية – سوريا :
    كانت عنوان جميل لهدف لا يعلمه إلا الله .. إذا كانت القومية العربية هي الهدف .. فلماذا قام بسب الملك فيصل ( هنتف له دقنه ) .. و حسين بن زين ( حسين ملك الأردن و زين هو اسم والدته ) ؟؟ الاتحاد مع سوريا كان له قبول شعبي واسع .. ولا يفوتنا أن نتحدث عن أجمل ذكرى عالقة في وجدان السوريين و الناصريين .. حينما حمل الإخوة السوريين سيارة ناصر ومشوا بها في شوارع دمشق .. لا غضاضة في هذا ..
    نهاية الوحدة كانت محسومة قبل بدايتها .. لا يعقل على المستوى الجيوستراتيجى أن تقوم وحدة مع دولة منفصلة عنك جغرافياُ .. في حين رفض الوحدة مع القذاقي لاحقاً ( لأنه مجنون ) .. و لم يجرؤ على طلب الوحدة مع السودان .. لأن السودان لم تنسى موقف ناصر من محمد نجيب الذي تعتبره أحد أبنائها .. بالإضافة لأسلوب الوصاية الذي كان ناصر يتبعه مع الدول العربية ..
    كانت الوحدة مع سوريا تسير على ما يرام ( ظاهرياً ) .. إلى أن قرر ناصر تطبيق التأميم هناك في مجتمع قائم على التجارة في الأساس .. فانقلب السحر على الساحر .. تحول السوريون من محبي و مؤيدي الوحدة إلى كارهين و مناهضين لها .. لم يجرؤ ناصرعلى السفر لسوريا بعدها .. بعدما شاهد صوراً و أفلاماً ً لتمزيق صوره في الشوارع .. و السباب المكتوب على الجدران ..
    المشكلات مع الإقليم الشمالي ( سوريا ) كانت متراكبة و متلاحقة .. عبد الكريم النحلاوي .. مدير مكتب عامر ( قائد الإقليم الشمالي ) كان من المعادين لعامر نفسه .. و من ناحية أخرى..  كان كلا من عبد الكريم النحلاوي و عامر في حالة عداء شديد و معلن مع عبد الحميد السراج ( رئيس المخابرات ) الموالي بصورة مطلقة لناصر .. و كان قريب من قلب ناصر لأنه أنقذه من محاولة اغتيال كان يتم التدبير لها أثناء زيارته لسوريا بعد الوحدة ..
    أثناء الوحدة .. شغل السراج منصب وزير الداخلية ورئيس المكتب التنفيذي للإقليم الشمالي و سيطر على جهاز الشرطة والأمن في سوريا وفرض عليها حكمًا بوليسيًا .. وكانت هذه بعض الأمور التي أدت إلى انهيار الوحدة .. حيث قام النحلاوي لاحقاً بتكوين تتنظيم سري في الجيش السوري أطاح بالسراج و قبض عليه  و قام بمحاكمته و سجنه .. و لعبت المخابرات المصرية دوراً هاماً بتهريبه من السجن إلى لبنان و منها إلى مصر .. وأقام بها كلاجئ سياسي .. أما عامر فتم القبض عليه في سوريا و وضع تحت التحفظ  لحين ترحيله إلى القاهرة في فضيحة مدوية .. و انتهت قصة الجمهورية العربية المتحدة في 1961 إلى الأبد ..
    القومية العربية – اليمن :
    كان عبد الرحمن البيضاني سياسي و أديب و مفكر يمني .. أعجبته أفكار القومية العربية الناصرية .. و تحدث مع ناصر عن وجود ضابط " قوي" في اليمن يدعى عبد الله السلال .. مستعد للإنقلاب على نظام " المملكة المتوكلية اليمنية " بزعامة الإمام محمد البدر حميد الدين .. فأرسل ناصر القوات المنهكة المنسحبة من سوريا و قوات أخرى من مصر وصل عددها في النهاية إلى حوالي 70 ألف جندي .. لمساندة الإنقلاب أو الجمهورية اليمنية الوليدة في 1962 ( يقول زوج عمتي ... كان اليمني جمهورياً بالنهار و ملكياً بالليل .. فكانوا يقومون بقتل الجنود المصريين ليلاً و سرقة أسلحتهم ) و كانت الحرب قائمة ضد الإنجليز في جنوب اليمن بعيداً عن القوات المصرية .. و ضد نظام الإمام في الشمال على الحدود مع السعودية .. و حدث استفزازمصري للسعودية بقصف نجران و جزان في جنوب المملكه عمداً .. لأن السعودية كانت تناصر نظام الإمام في اليمن بالرغم من اختلاف المذاهب الدينية .. وعندما أبدى الملك فيصل اعتراضه على الاعتداء المصري .. قام المحترم ناصر بالتهديد أنه " هينتف له دقنه " .. و انتهت مساندة الإنقلاب اليمني بسبب نقص الإمدادات و العتاد و الجنود و عدم رغبة الجانب اليمني في استمرارهم .. و بدأت القوات المصرية في الإنسحاب المهين تحت قصف المدافع.. في محاولة للوصول لميناء الحديدة بشق الأنفس للعودة لمصر في عام 1967 .. و تم نشر القوات المنهكة في المنطقة المركزية و الجنوبية و سيناء حيث كانت نهاية وقتية للجيش المصري بسبب قيادته الغير حكيمة و الغير مؤهلة ..
    اسمحوا لى أطرح سؤال جدلي : ماذا كان المغزى العسكري الإسترتيجي لحرب اليمن ؟ هل كان نظام الأمام يقوم بتهديد الأمن القومي المصري ؟ هل قام أو هدد بإغلاق باب المندب أو مهاجمة السفن المصرية في البحر الأحمر ؟
    *  ملحوظة هامة :
    في العرف الدولي .. الدول العظمى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية فقط هي صاحبة الحق في تحريك جيوشها خارج أراضيها ..  ما لم يكن من خلال حلف معلن و معروف .. أعتقد ناصر أنه  بالفعل زعيم الأمة العربية .. فيحرك قواته بصرف النظر عن حجمها أو عددها إلى الكونجو و سوريا و اليمن .. النتيجة الحتمية كانت القضاء على أطماعه و أحلامه التي تفوق حجم الدولة .. عندما قامت أمريكا بالتدخل لإنهاء العدوان الثلاثي عام 56  لم يكن بدافع انتصارها لحق على باطل .. و لكن السبب الأساسي هي تجرؤ إنجلترا و فرنسا و معهم إسرائيل في التحرك دون استشارة باقي الدول العظمى ..
    نكسة 67  :
    كان لها مقدمات لا يغفلها الأعمى أو حتى الأبله .. عندما يقوم ناصر في يوم 15 مايو بتحريك قواته لتتوغل شرق القناة في اتجاه إسرائيل .. وطرد قوات الأمم المتحدة من سيناء في يوم 17 مايو .. و يقوم بغلق مضيق تيران يوم 22 مايو .. و يطنطن ليلاً و نهاراً بأنه سيلقي إسرائيل في البحر .. ماذا كان ينتظر أن تفعل إسرائيل ؟؟ هل تسكت و تموت جوعاً و اختناقاً ؟ " لا " .. قولاً واحداً .. قامت إسرائيل بحرب استباقية .. دكت فيها القوات المصرية في سيناء في حرب إبادة .. لم تكن هناك خطط دفاعية عن سيناء .. و لم تكن هناك خطة انسحاب منظمة للقوات مما عظم خسائرنا ... و اعترف ناصر في الإستقالة الصورية ( التنحي ) عن مسؤوليته .. و هذه حقيقة لأنها مسئوليته .. و قام بإقالة عامر الذي ذهب إلى أسطال مغاضباً .. ثم عاد للقاهرة مرة أخرى طالباً المحاكمة له و لزملائه لمعرفة سبب الهزيمة ..
    خرجت " الجماهير " المدفوعة من الاتحاد الإشتراكي و التنظيم الطليعي و منظمة الشباب الإشتراكي .. ترجو ناصرعدم " التنحى " .. فلم يتنحى !!!
    السياسة الخارجية :
    كدولة ناشئة مع نظام غير محترف السياسة الداخلية أو الخارجية .. و بدلاً من استخدام نبرة سياسية هادئة مطمئنة لاستقطاب العالم في صفه .. و إيضاح السبب الحقيقي للثورة و أهدافها .. اتبع ناصر أسلوب الهجوم المستمر على القوى الإستعمارية و الإمبريالية و تعامل معهم بمبدأ الند بالند .. فبدلاً من اكتساب الشرعية للإنقلاب العسكري .. قام العالم ضده .. و لم يكن في صفه سوى مجموعة دول عدم الإنحياز و على رأسها الهند و يوغوسلافيا ( السابقة ) و إندونيسيا و التي لم تقدم الكثير للعالم سوى المزيد من الشعارات ..
    هذه قراءتي الخاصة لعصر ناصر بما لها او عليها .. و أدعو من يحب أن يشارك بالرأي والتحليل إلى التعليق بدون تجريح أو هجوم شخصي بين مؤيد و معارض .. كما أوضحت أعلاه .. تم تقسيم المقال إلى رؤوس الموضوعات الهامه التي اشتهر بها ناصر أو تم التسويق له بها .. لمعرفة الجانب الآخر الذي يتم إغفاله عن عمد لتصدير الشعارات .. أرجو ممن أراد النقاش أن يكون محدد و بالأدلة الملموسة لتسهيل الرد ..
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    24 يناير 2018
    تابعونى على فيسبوك:

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: جمال عبد الناصر Rating: 5 Reviewed By: جريدة العميد
    Scroll to Top