معتز صابر
كاتب وروائي
ومدرب تنمية بشرية
ذات يوم طلبت من
ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات شيئا ، فقال لي بكل براءة : " لا " هنا تذكرت أمرين :
الأول :-
ما كان يحاول
سيتفن كوفي أن يوضحه في كتابه البديل الثالث أن لكل شخص مهما كان قربه منك – سواء
كان زوجا أو ابنا – شخصيته المستقلة وأنه كما لك استجابتك الخاصة بك أو رد فعلك
الخاص بك والذي يعبر عن شخصيتك فإن لكل شخص آخر استجابته الخاصة به ، ولا يجوز لك
أن تجبره على أن يبدي استجابة تريدها أنت وتتناسب مع شخصيتك أنت أو مكانتك أو أو
أو .
وهنا قلت نعم ابني
الصغير هو شخص مستقل عني وليس شئ أحركه ويكون له رد فعل يأتي على هواي أنا ، لذا
فمن حقه أن يرفض وأن يقول لا وأن يعبر عن شخصيته الخاصة به
أما الأمر الثاني :-
فهو ما كان يوضحه
الشيخ حامد أبو نوران في دورته : التطبيقات العملية للتربية المثالية - أنه لا يجب
عليك أن تجبر ابنك دائما أن يقول لك نعم .. حاضر ، لا تفرح بأنك جعلت ابنك مطيع لك
دائما لا يفعل إلا ما تريده، إذا قلت له أي شئ فيستجيب لك وكأن أمامك حاسوبك
الإلكتروني تأمره بأمر فيستجيبب لأمرك، إنك إن فعلت ذلك
فإنك ستنشأ ولدا يكون إمعة ، إذا قال له أصحابه هيا نفعل كذا سيقول لهم نعم وحاضر
وسيكون معهم على هواهم ينقاد لما يريدونه .
ابنك مهما كان
عمره ، فهو له قاموسه الخاص به – حتى الرضيع له قاموسه الخاص به فلما يجوع يبكي ليخبركم
بأنه بحاجة للطعام مثلا – ابنك له شخصية مستقلة تماما عنك ( ولربما قال قائل أن
ابني لا يعرف شيئا في هذه الحياه ، إنه يقلدني فكيف له شخصية مستقلة عني ، فأقول
له ابنك شخصيته تتكون منذ أن كان جنينا ، ولا أبالغ إذا قلت أن شخصيته تتكون قبل
أن يصبح جنينا ، وهذا ليس حديثنا الآن ، لكن ما أريدك أن تعرفه أنه يقلدك لأنه
يتعلم ، ليس لأنه بدون شخصية مستقلة ) .
ابنك ليس آلة ،
وليس إنسان آلي تحركه وفق ما تريد ، بل ابنك شخص آخر غيرك ، نعم عليه طاعتك لكن لا
تجبره على طاعتك ، نعم أنت تعلم الكثير في هذه الحياة وهو لا يعلم شيئاً – وإن
كانت الجملة الأصوب أنه يتعلم ، وليس لا يعلم شيئاً - لكن لا تجبره على أن يتخذ
قرارك أنت ، بل علمه أن يطيعك ويطيع أمه لا أن يُجبر على الطاعة ، ازرع فيه أن له
رأيه وقراره المستقل الذي ينبغي عليه أن يتخذه هو، واحترم رأيه وقراره .... نعم -
وأكررها تأكيدا - احترم رأيه وقراره .
إياك إياك أن
تتعامل مع ابنك على أنك القاضي أو الحاكم بأمره .. نعم أنت المربي وهو يحتاج إليك
، لا فقط من أجل أن توفر له المال والأمن والتعليم بل يحتاج إليك لتوجهه ،
وتعرفه الصواب من الخطأ ، ولتربيه تربية صحيحة .. ودائماً اصطحب معك أثناء تربيتك
له تلك القاعدة الأصيلة : ابنك شخصية مستقلة عنك ، وليس آلتك التي تحركها وفق ما
تريد .
0 التعليقات:
إرسال تعليق