خريطتنا الذهنية و الخريطة النبوية

         كتبه

  المستشار الدكتور 

    صادق القماح 

حين تعرضت لموضوع الخريطة الذهنية لم يكلف البعض قراءة الموضوع بعناية وهو بسيط جدا فكرته العوامل التي أثرت في فكر سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه .

واليوم من خلال الخريطة الذهنية للرسول صل الله عليه وسلم سنضرب مثلاً كيف فكر وكيف يفكر البعض منا وكيف أن الخريطة الذهنية لبعضنا مشوهة أيم تشويه .

والقضية التي سأعرضها واضح أنها متفشية في المجتمع المصري بصورة مزرية وهي قضية مبدأ الزواج والتفسير المشوه لأقوال الرسول الكريم فقد قال صل الله عليه وسلم : - " روى أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه البخاري ومسلم ورواه أصحاب السنن .  

والمراد من حديث النبي صل الله عليه وسلم أن الرجل حين يفكر في الزواج فمن حقه الدنيوي أن يبحث عن التكافل الاجتماعي في الزواج فإن كان صاحب مال فلابأس أن يختار شريكة حياته صاحبة مال حتى لا يدخل الشيطان لذهنه أنها تزوجته لماله أو لأسباب  أخرى ثم انتقل للنقطة الثانية  وهي الحسب والنسب وذات الأصل والعائلة حتى تتماشى مع مستواه الاجتماعي ويمكن أيضاً أن يبحث عن صاحبة الجمال إن كان ممن يفتنون بالجمال أو أن يختار كل هذا مجتمعاً في امرأة  واحدة أو يزيد عليها الدين وفضل الرسول الكريم صاحبة الدين عن كل هذا فهو لم ينكره بل من باب الأفضلية فقط .

إذا اختيار الرجل للمرأة على أساس المال على أن يكون هو الآخر لديه المال المناسب وإن اختار ذات الحسب والنسب  أن يكون هو أيضاً ذات حسب ونسب كل هذا لضمان المعيشة الاجتماعية الكريمة والسوية للزوجين .

إذا الرسول الكريم حين صنف أسس اختيار الزوجة حتى تكون  كفتا الميزان متقاربة لحد بعيد فلا تكون الزوجة أغنى أو أعلى شرفاً في النسب فتسود الحساسية لدى الزوج أما إن كان العكس فلا غبار لأنه لا يؤثر في النساء لحد بعيد .

فخريطة الرسول الذهنية في الزواج كانت تعبر عن نظرة رجولية للأنثى وتتماشى مع كل رجل فكل رجل يختار المناسب له من الزوجات وإن ترك كل هذا واختار صاحبة الدين فهو الفائز بها في النهاية .

أما الخريطة الذهنية لبعض الشباب والرجال وممن سمعت دعواهم وحججهم الواهية في تفسير هذا الحديث كما صوره لهم خيالهم الضحل بأن الرجل من حقه أن يختار صاحبة المال بل وأن يأخذ من مالها ما شاء بل وأن تنفق عليه وتقوم مقام الرجل في القوامة التي هي شرط الزواج .

أي مذهب وأي منطق في تفسير كلام الرسول الكريم بهذه الصورة المغلوطة لتبرير نقص الرجولة وعدم العمل بالآية الكريمة :-  " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم "  سورة النساء : 34 .

وإذا ما تخلى الرجل عن ميزته التي ميزه الله تعالى بها فلم ينفق على امرأته ولم يكسها ، فإن ذلك يسلبه حق القوامة عليها ، ويعطيها هي الحق في القيام بفسخ النكاح بالوسائل المشروعة ، هذا هو ما يقتضيه تعليل القوامة في الآية الكريمة بالإنفاق ، وهو ما فهمه منها المالكية والشافعية .

طبعا ليس الوازع الديني عند بعض الشباب والرجال هو سبب ذهابهم لهذا التفسير وإنما هي الحاجة والعوز المادي والكسل في كسب الرزق والتواكل على من  ستعوله في بيت الزوجية فالرجل على استعداد أن يفقد رجولته مقابل أن تصرف عليها امرأة ، فالخريطة الذهنية عند الرسول الكريم كانت مبنية على أسس صحيحة ومجتمع ومفهوم رجول متأصل ، أما من يشيعون هذه الفكرة فإن التكوين العقلي وما أثر فيه أو خريطتهم الذهنية عاجزة مشوهة انتهازية وشاذة لذا نتج عندهم هذا المفهوم الذي بعد عما ذهب إليه الرسول الكريم  .

هذه إحدى القضايا التي نفرق فيها بين خريطة الرسول الذهنية وخريطة البعض ، ولكي تعود للصواب والفكر القويم عليك أن تتأسى بالرسول الإنسان – الذكر – العاقل – المحافظ على كرامته – وعزته – وهيبته في بيته.

والمحافظ على كيان المرأة التي يعولها وكرامتها وعزتها وحتى تشعر بالفخر أنها تزوجت رجلاً .

وسنعرج على بعض القضايا الفكرية التي انتهجها الرسول صل الله عليه وسلم وبين ما آلت إليه بعض الأفكار المشوهة .

الخميس, يونيو 08, 2017