كتبه
يسري أحمد عباس
بالرغم من قيمة مشاعر الحب عندي و عندكم و بالرغم من
أن الحب يكاد يكون صنم هذا العصر الذي يُحرق له البخور ، و يُقدم له الشباب
القرابين من دمائهم ، و يُقدم له الشيوخ القرابين من سمعتهم ، و تُرتل له الأناشيد
، و يُزمر له الزامر ، و يُطبل الطبال ، و ترقص الراقصة ، و تعمل بلاتوهات السينما
و ستوديوهات التليفزيون ، و كباريهات شارع الهرم ليل نهار لتمجيده ورفعه على العرش
، ليكون المعبود الأول و المقصود الأول ، و الشاغل الأوحد و الهدف الأوحد و الغاية
المثلى للحياة التي بدونها لا تكون الحياة حياة .
و بالرغم من أننا جميعا جناة أو ضحايا لهذا الحب ، و ليس
فينا إلا من أصابه جرح أو سهم أو حرق ، أو أصاب غيره بجرح أو سهم أو حرق بالرغم من
هذه الأهمية القصوى ، و الصدارة المطلقة لموضوع الحب في هذا الزمان ، فإني
أستأذنكم في إعادة نظر و في وقفة تأمل ، و في محاولة فهم لهذا التيه الذي نتيه فيه
جميعاً شيوخاً و شباباً و صباياً .
و أسأل نفسي أولاً و أسألكم :
هل تعلمون لماذا يرتبط الحب دائما بالألم ، ولماذا ينتهي
بالدموع و خيبة الأمال؟!
دعوني أحاول الإجابة فأقول : إن الحب و الرغبة قرينان .. و
إنه لا يمكن أن تحب امرأة دون أن ترغبها ، و لهذا ما تلبث نسمات الحب الرفافة
الحنون أن تمازج الدم و اللحم ، و الجبلة البشرية فتتحول إلى ريح و إعصار و زوبعة
، حيث ينصهر اللحم و العظم في أتون من الشهوة العارمة ، و اللذة الوقتية التي ما
تكاد تشتعل حتى تنطفئ .
هل أقول إن الحب يتضمن قسوة خفية ، و عدوانا مستترا ؟.
نعم هو كذلك إذا اصطبغ بالشهوة ، و هو لابد أن يتلون
بالشهوة بحكم البشرية .
و المرأة التي تشعر أن الرجل استولى على روحها ، تحاول هي
الأخرى أن تنزع روحه و تستولي عليها .. و في ذلك عدوان خفي متبادل، و إن كان يأخذ
شكل الحب .
0 التعليقات:
إرسال تعليق