مخمخات : الأخ المُلتزِم و الأخت المُلتَزِمة !!

 

مخمخها الكاتب

   أحمد علي

مصر.. دون  الحاجة لإثبات أنها صاحبة أقدم حضارة فى التاريخ.. و أول حضارة فى الشرق الأدنى القديم.. يليها بحوالى ألف عام تقريباً الحضارة السومرية ثم البابلية و الأشورية ... قال عليها هيرودوت أنها هبة النيل .. و لكن الواقع أنها هبة الله على الأرض..و أتفق مع أستاذى و حبيبى الدكتور / عبد الحليم نور الدين أستاذ اللغة المصرية القديمة و أستاذ التاريخ المصرى القديم ... أن النيل كان و لا يزال يمر بأراضٍ ممتدة فى أفريقيا .. فلماذا لم تقم أى حضارات أخرى على ضفاف النهر الخالد؟

لإن النهر هو العامل الثابت الوحيد و المتغيرات هى الشعوب و الطقس و طبيعة الأرض ...

إذاً... مصر لها ثقافتها و خصوصيتها فى كل شئ .... و كانت لغة الحوار المفهوم بين اللهجات العربيه و البدوية المختلفة هى اللهجة المصرية سلسة المفردات و النطق من موريتانيا على ساحل الأطلسي إلى الخليج العربى .. و على الرغم من توالى الهجمات الاستعمارية عليها و آخرها العثمانيين عام 1517 و الفرنسيين عام 1799 ثم الإنجليز عام 1882 و إستمر الأخير 70 عاماً .. فشل المستعمر فى تغيير ثقافة أو لغة الشعب .. و من الجائز أن الأمية السائدة فى الشعب هى التى أنقذت المصريين من تغيير ثقافته ...

إذا كان الوضع كذلك ... فأين المشكلة ؟؟

القضية أن ثقافة المصرييين و لغتهم و مفرداتهم بل و " مظهرهم "  تغيرت بعودة المصريين محملين بالبترودولار من منتصف السبعينات إلى الآن و ما تبعها من ثقافة بدوية جافة و فكر متشدد ... فأخذت بعض المفردات الدخيلة تتسلل إلى لغتنا الجميلة:

السلام عليكم : عوضاً عن " ألو" البسيطة للرد على الهاتف .

جزاك الله خيراً : بدلاً من شكراً

البقاء لله : بدلاً من البقية فى حياتك

العقيقة : بدلاً من سبوع المولود 

الأخ المُلتَزِم و الأخت المُلتَزِمة : كناية عن الواد أبو دقن و البنت المحجبة ..

سيقول بعض المتنطعين إنها لغة القرآن و يجب الحفاظ عليها و تناسوا قول الخالق جلَّ و عَلا ": - " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  " .. اللغه محفوظة رغم أنفكم و كليات تعليمها كثيرة و إن كان الخريج دون المستوى ..

استفزنى لفظ المُلتَزِم و المُلتَزِمة... نظراً لعنصريته والنظرة الدونية لمن يقوله لغيره .. لماذا ؟

لأن عكس الملتزمين هم المنحرفين أو " اللى ماشيين على حل شعرهم " مضبوط ؟

سمعت هذا الوصف لأول مرة من تاجر الحيوانات الأليفة الذى كنت أشتري منه عصافير الزينة فى منتصف التسعينات .. فأثناء وصفه شاب و فتاة مارين أمامنا قال " الأخ المُلتَزِم و الأخت المُلتَزِمه " دول .. فسألته عن المعنى فقال : - " إنت مش شايف لبسهم و سَمتُهُم ( شكلهم ) " ؟ قلت له :- " الواد دقنه مفتلة و عايزة حلاق نضيف يظبطها له.. الرسول قال " أعفوا اللحى " .. ما قالش خلوا شكلها زى المقشة .. و البت ياريتها تقلع اللى هى لابساه ده لأنه حجاب مظهري مش محترم محزق و ملزق يسئ للزى .. الحجاب المحترم لا اعتراض عليه ... ثم أنا مراتى و بنتي و معظم معارفي مش محجبات .. هل ده معناه إنهم غير ملتزمات وسلوكهم منحرف ؟؟؟ "

كالعاده.. " بُهِتَ الذى كفر".. اعتذر لى بأنه لم يقصد هذا المعنى ..

وهكذا بدأت ثقافة تصنيف المصريين لبعضهم على أساس مظهري فج فى التزايد ... من يصلي الفروض فى الجامع أحسن ممن يصلي فى بيته .. و صائم رمضان الذي لا يتابع التلفاز أفضل ممن يصلي و يصوم و يتابع بعض البرامج  و المسلسلات .. و الصائم فى محل عمله يقرأ القرآن طوال ساعات العمل دون آداء العمل أصلاً .. و من يصلي الفرض فى ربع ساعة أكثر تقوى ممن يصلي نفس الفرض فى 5 دقائق ... " اللى لابسه خمار(!!) أحسن ممن ترتدى حجاب عادى "  .. و كلتاهما أحسن و أفضل بكثير من "السافرة" ( الغير محجبة و لا مؤاخذه!!!! هاهاها .. أه و الله ) .. و التى يفوح منها رائحة العرق الذى يزكم الأنوف و العياذ بالله أفضل ممن تضع عطر (برفان) .. لأن وضع العطر "حرام" .. إنما مش حرام إن ريحتكم تعمينا ؟؟؟

ثم ماذا ؟!!

لا يوجد حل سوى استعادة المصريين ثقافتهم و شكلهم و مظهرهم .. بل و مفرداتهم السلسة المعبرة .. و قبل ذلك لابد من التوقف عن نقد الآخر و مقارنة عمله بعملك ... المقولة المصرية " كافية شافيه معبرة .. "خليك فى حالك ".. و مقولة  

" صباح الخير يا جارى.. أنت فى حالك و أنا فى حالى " .

تابعونى على فيسبوك:

 https://www.facebook.com/ahmed.a.ali.58173

الاثنين, مايو 23, 2016