لا تبحث عن الأصل

كتبه المستشار الدكتور / صادق القماح

كما قالوا في الأمثال قديماً عند الزواج " ع الأصل دور " فهل يسري هذا المثل في أيامنا الحالية

وخاصة في المدن والعواصم وهل نعني بالزوجة هنا هي ما تعارفنا عليه .

طبعا الكلام ليس على التعميم لأن التعميم في حد ذاته خطأ فادح والزوجة المعنية في هذا الكلام هي كل شيئ كان أصيلاً ثم تحول وتبدل .

الوقت الحالي يشهد اختلاط الحابل بالنابل ففي العصور السابقة كان البيت يؤثر على الشارع أما الآن فإنك تجد أن الشارع هو من يؤثر في البيت ولأن الشارع به خليط لذا تجد أن البيت أصبح صورة مصغرة من تصرف الشارع في عجز تام من الآباء والأمهات المشهود لهما في السابق بالحزم وحسن التربية .

في السابق كنت تجد أن الفتاة حين كانت تبتسم كان يحمر خدها وجلاً وخجلاً أما في الوقت الحالي فإنك تجد صوت الفتاة يعلو في الشارع أكثر منه في البيت غير مبالة ومتجاهلة وقار الفتاة وحياءها وحمرة الخجل مما جعلها مثل الولد تماماً في التصرفات فلم تعد تفرق بينهما في التصرفات .

في الماضي حين يمرض الإنسان كان يتناول الدواء فيكتب له الله الشفاء لما في هذا الدواء فاعلية لأن شركات الأدولة كانت تسعى للحفاظ على سمعتها أما الآن فإن شركات الأدوية لا تبحث إلا على الربح السريع مقابل تخفيض نسب مكونات الدواء

كذلك شبكات التواصل الاجتماعي لن أتحدث عن القيم الاجتماعية فيه لأنه وُلد أصلا بلا قيم ولكن كنت في السابق تدخل على الكثير من المواقع لتأتي منها بخير البرامج المفيدة والكاملة أما في الوقت الحالي فإنك تشقى كي تجد موقعاً واحداً تأتي منه ببرنامج كامل مثله مثل ما حدث في الدواء وهو حذف خطوة من خطوات البرنامج كي تسعى لشراءه .

في الأيام الخوالي كان الإنسان يسعى ليتعلم ما يجهله من أمور الحياة أو في العلوم فلا يفتي بالجهل إلا القليل أما علماء العصر وجهابتذه ورويبضته فهم كُثر فالسواد الأعظم يتحدث بما يجهل ويتكبر أن يقول لا أعرف .

كلمة الشرف كانت لها ثقلها عند الرجاء وكرامة الرجل تعلو كل شيئ غال ورخيص ونشهد الآن أن كلمة الشرف هي كلمة تراثية عاف عليها الزمن ولا أثر لها إلا في المعاجم اللغوية فقط وأما الكرامة ففي سبيل المال والمنصب والجاه فإنك لن تجد لها سبيلاً فكثرت الرشاوى في المؤسسات الحكومية وساد سؤال " حتدفع كام " أو تجد تعقيب تساؤلي " وأنا حأستفيد ايه " ؟

لذا ليس من الغريب الآن أن تجد الرشاوى والمصلحة قد خرجت من أبواب المصالح الحكومية لتصل لكل شارع وبيت حتى أنه وصل لأكبر مؤسسة سياسية وهي البرلمان .

الشهامة هذه من الكلمات التراثية التي كان يتعامل بها الناس في الشارع وكانت تخص المريض والمرأة والشيوخ وغيرهم فتبدلت هذه الكلمة بأخرى وهي " واحنا مالنا خلينا في حالنا " أو " ابعد عن الشر وغني له " .

فأصبح من الندرة أن تجد طفلاً أو شاباً يعاون شيخاً أو سيدة كبيرة في حمل أكياسها الثقيلة أو أن يقف الأطفال والشباب لهم في المواصلات أو أو يعود المريض أصدقاؤه أو جيرانه .

يا سادة لا تحبث ولا ترهق نفسك في البحث عن كلمة " ع الأصل دور " لأن سيبصيبك الإرهاق واليأس في أن تجدها في مجتمعنا الآن إلا ما نذر .

ولا عزاء في تفكك المجتمع

السبت, ديسمبر 12, 2015